
“أرما” تراهن على القوافل البيئية لترسيخ ثقافة النظافة بالمغرب
هبة بريس
شهد المغرب خلال هذا الصيف دينامية متجددة في مجال التوعية البيئية، عبر سلسلة من القوافل التحسيسية تقودها شركة أرما (ARMA)، المفوضة بتدبير قطاع النظافة في عدد من كبريات المدن، من بينها الصويرة، الجديدة، مراكش، تازة، الرباط، طنجة وكذا الدار البيضاء، بالإضافة لمحطات أخرى على امتداد التراب الوطني.
رحلة بيئة متنقلة عبر مدن المغرب
ما يميز هذه المبادرة أن القافلة اتخذت شكل رحلة بيئية متنقلة، شملت محطات متعددة بدأ من الصويرة (22 و23 غشت) التي جعلت من شاطئها مسرحا لمجموعة من الأنشطة شملت إذاعة الشاطئ، ورشات تربوية في الرسم والبيئة، مسابقات وألعاب ترفيهية للأطفال، ناهيك عن أنشطة توعوية تهدف للحد من التلوث البلاستيكي، وصولا إلى إيمينتانوت (24 غشت)، سيدي بنور (27 غشت)، ثم الجديدة (28 و29 غشت)، عاصمة دكالة، حيث يلتقي عبق التاريخ بصفاء البحر، شكلت محطة أساسية في مسار القافلة البيئية، وهي فرصة للانغماس في صلب دينامية المدينة، بين أحيائها النابضة بالحياة وشواطئها الممتدة، لترسيخ وعي جماعي بقيمة النظافة وحماية البيئة.
الوعي البيئي.. من المبادرة المؤسساتية إلى الفعل المواطني
هذه القوافل لم تكن مجرد حملات موسمية للتعريف بجدول جمع النفايات أو توزيع منشورات إرشادية، بل حملت رؤية أوسع تسعى إلى بناء وعي جماعي يجعل من النظافة مسؤولية مشتركة. ففي مدينة مراكش، حيث يتقاطع البعد البيئي مع ثقلها السياحي والثقافي، اختارت أرما شعارًا لافتًا: “من لمدينة لمدينة… مجموعين من أجل صيف نقي”، ليعكس فكرة الامتداد الوطني للمبادرة، وربط السلوك الفردي اليومي برهان جماعي على صورة المغرب كوجهة حضارية وصديقة للبيئة.
من مراكش إلى إفران.. ترسيخ لقواعد التدبير السليم للنفايات
بعد محطة مراكش(1و 2 شتنبر) ، واصلت القافلة مسارها نحو مدينة إفران(3 شتنبر)، التي تُعد نموذجًا للنظافة وجمالية المجال الطبيعي بما تزخر به من واحات ومحميات طبيعية. وهنا ركّزت المبادرة على رسائل عملية في تدبير النفايات، أبرزها ضرورة احترام توقيت إخراجها إلى الشارع ووضعها حصريًا في الأماكن المخصصة لها. كما جرى التنبيه، مع اقتراب فصل الشتاء، إلى أهمية التمييز بين النفايات القابلة للاشتعال والنفايات المنزلية العادية، ضمانًا لسلامة الساكنة وحماية للبيئة الجبلية الحساسة.
أدوات التواصل المباشر
اعتمدت الشركة أساليب تواصل مبتكرة، عبر قوافل متنقلة مجهزة بمكبرات صوت وشعارات بيئية، إلى جانب تفاعل مباشر مع الساكنة في الأحياء والشوارع، لتذكيرهم بأهمية احترام الفضاءات المشتركة. هذا الحضور الميداني جعل من القافلة حلقة وصل بين المؤسسة والمواطن، وأداة عملية لترجمة الشعارات البيئية إلى ممارسات ملموسة.
الأطفال والشباب.. رهان المستقبل
ولأن المسؤولية الاجتماعية من المبادئ التي يجب ترسيخها في عقول الناشئة، خصصت أرما جزءًا كبيرًا من برامجها للأنشطة التربوية والتفاعلية، من ورشات بيئية ومسابقات معرفية إلى ألعاب هادفة. هذا التوجه يبرز وعي الشركة بأن الاستثمار في الأجيال الصاعدة هو الضمانة الحقيقية لترسيخ ثقافة بيئية مستدامة قادرة على الصمود أمام تحديات التحضر وتنامي الاستهلاك.
من تازة لطنجة.. ختام يعكس رسوخ ثقافة المواطنة البيئية
المحطة الأخيرة، كانت بمدينة طنجة(6 و7 شتنبر) حيث اختتمت القافلة جولتها الوطنية في فضاء حضري عُرف ساكنوه بالانخراط الإيجابي في احترام قواعد النظافة والمحافظة على البيئة. وقد جسّد اختيار عروس الشمال نقطة النهاية بعدًا رمزيًا، يبرز أن الالتزام البيئي لم يعد مجرد شعارات ظرفية، بل ثقافة مواطنة مترسخة تعكس وعيًا جماعيًا بدور كل فرد في حماية صورة المدينة وتعزيز جاذبيتها.
ولتكريس هذا الالتزم، تم تقديم جوائز رمزية وهدايا تحفيزية للمشاركين، في خطوة رمزية لكنها تحمل رسالة مفادها أن المواطنة البيئية قيمة تستحق التقدير، وأن الحفاظ على النظافة لا يقل أهمية عن أي مبادرة تنموية أو اجتماعية أخرى.
نحو رؤية متكاملة
من خلال هذه الأنشطة، تبعث أرما رسالة واضحة: النظافة ليست مجرد خدمة تقنية تقدمها شركة تدبير، بل مشروع حضاري يتطلب تضافر جهود الجميع، من سلطات محلية وشركاء مؤسساتيين إلى المواطنين أنفسهم. في ظل التحديات البيئية التي تواجه المدن المغربية، يبرز هذا النموذج كخطوة عملية لترسيخ قناعة أن جمالية المدن تبدأ من وعي ساكنتها، وأن حماية البيئة مسؤولية جماعية تعكس صورة المغرب وانخراطه في رهانات التنمية المستدامة.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X