أوتريخت تحتضن الدورة الخامسة لسينما الهجرة

هبة بريس

احتضنت مدينة أوتريخت الهولندية فعاليات الدورة الخامسة من المهرجان الدولي للسينما والهجرة، الذي نظمته مؤسسة التواصل للثقافة والإعلام خلال الفترة الممتدة من 30 ماي إلى غاية 1 يونيو 2025، في تظاهرة ثقافية وفنية متميزة جسدت عمق التلاقي بين الإبداع والهوية، وأسهمت في ترسيخ السينما كأداة فعالة للحوار والانفتاح.

و تميزت هذه الدورة بحضور وازن لمشاركين من مختلف الجنسيات، حيث شهد حفل الافتتاح، الذي جرى في أجواء احتفالية راقية، مشاركة جمهور غفير من الجاليات العربية والمغاربية، إلى جانب عدد من الهولنديين والمهتمين بالشأن الثقافي والفني. وشكل هذا الحضور دلالة قوية على المكانة التي بات يحظى بها المهرجان ضمن المشهد الثقافي المحلي والدولي، وعلى قدرته على الجمع بين مختلف التعبيرات الثقافية تحت سقف واحد.

و يحظى هذا الموعد الثقافي بدعم رسمي ومؤسساتي مهم، شمل بلدية أوتريخت، ومؤسسة دوك الهولندية، والمركز السينمائي المغربي، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، إلى جانب القنصلية العامة للمملكة المغربية بأوتريخت، في تأكيد على الالتزام المشترك بدعم الثقافة والفن، ومد جسور التلاقي بين الثقافات في سياقات الهجرة والاندماج.

وسلط المهرجان الضوء على تجارب سينمائية تعالج قضايا الهجرة والهوية والانتماء، من خلال عرض أعمال من المغرب، فلسطين، تونس، مصر، الأردن، سوريا، فرنسا، بلجيكا، وهولندا. وتم انتقاء مجموعة من الأفلام الطويلة والقصيرة ذات البعد الإنساني والفني، للتباري على عدد من الجوائز، من أبرزها الجائزة الكبرى للهجرة المغربية للفيلم الطويل، إلى جانب جوائز أفضل إخراج، وأفضل سيناريو، وأفضل ممثل وممثلة، مما يعكس الرغبة في تشجيع الإنتاج السينمائي الجاد والهادف.

وشهدت هذه الدورة مشاركة متميزة لأسماء عربية وأوروبية في فئة الأفلام القصيرة، فيما شكلت لجنة التحكيم علامة فارقة، لما ضمته من شخصيات مرموقة من مجالات الثقافة والفن والسياسة، برئاسة عبدو نجيب، رئيس فريق حزب العمل والمدير العام السابق لبلدية بارن، وعضوية المخرج العراقي وليد طاهر والفنان الفلسطيني زيد تيم.

في كلمته خلال الافتتاح، شدد بنيونس بحكاني، رئيس المؤسسة ومدير المهرجان، على أهمية ترسيخ السينما كالية للتقارب الثقافي، واعتبارها نافذة تنفتح على تجارب إنسانية متقاطعة، في سياق من التعدد والانفتاح والتسامح.

كما أكد على أن المهرجان يسعى إلى تعزيز الإشعاع الثقافي المغربي والعربي في بلاد المهجر، ومواكبة قضايا الهجرة من منظور فني وإنساني متكامل.

كما كانت السينما الفلسطينية ضيف شرف هذه الدورة، في التفاتة تنبع من الوعي بقيمة القضية الفلسطينية وبعدها الإنساني والنضالي، حيث عرضت أفلام فلسطينية تناولت قضايا الشعب الفلسطيني من زوايا متعددة، ما أعطى لهذه الدورة بعدا تضامنيا وإنسانيا بالغ الدلالة.

وفي كلمة ألقاها السيد عبدو القادري، المسؤول الدبلوماسي البارز ونائب القنصل العام للمملكة المغربية بأوتريخت، عبّر عن اعتزازه بالدور المحوري الذي تلعبه مؤسسة التواصل في خدمة الثقافة المغربية بهولندا، مبرزا التزام القنصلية الدائم بمواكبة ودعم المبادرات الثقافية النوعية التي تكرس حضور المغرب في الفضاءات الدولية، وتعزز ارتباط الجالية المغربية بهويتها الأصلية من خلال قنوات الفن والإبداع.

من جانبه، عبر الفنان الفلسطيني زيد تيم عن امتنانه لاختيار السينما الفلسطينية كضيف شرف، مؤكدا أن هذه الخطوة تأتي في وقت حرج تمر به القضية الفلسطينية، وأن السينما ظلت دائمًا صوتا مقاوما ومرآة تعكس تطلعات شعب يبحث عن كرامته وحقوقه، مشيرا إلى أن الحضور المتزايد للسينمائيين الفلسطينيين في المحافل الدولية يعد تتويجا لمسار طويل من الإبداع والمثابرة.

وعبر عبدو نجيب، رئيس لجنة التحكيم، عن سعادته الغامرة بالمشاركة في هذا الحدث، معتبرا أن الاشتغال ضمن لجنة تحكيم مهرجان يعالج قضايا الهجرة ينسجم مع قناعاته ومساره الطويل في خدمة الشأن الثقافي، في حين أكد المخرج وليد طاهر أن تنظيم مهرجان بهذا المستوى في ديار المهجر يعتبر إنجازا استثنائيا، مثمنا الجهود الكبيرة التي يبذلها القائمون عليه، وعلى رأسهم المنتج والمخرج بنيونس بحكاني، من أجل جعل السينما وسيلة لتعزيز التواصل الثقافي بين الشعوب.

لقد رسخ المهرجان الدولي للسينما والهجرة بهولندا موقعه كموعد سنوي لعرض التجارب السينمائية الملتزمة، ومناسبة للتفكير الجماعي في قضايا الهجرة والتعدد الثقافي، من خلال الفن السابع الذي يتجاوز الحدود ويمنح للإنسانية صوتا وصورة.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى