
التحولات الجيوسياسية تنهي أطروحة الانفصال في الصحراء المغربية
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
تشهد قضية الصحراء المغربية تحولات جذرية في موازين القوى الإقليمية والدولية، مما يؤكد أن أطروحة الانفصال المدعومة من قبل جبهة البوليساريو والنظام الجزائري تقترب من نهايتها المحتومة.
ومع تصاعد موجة الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وتأييد مبادرة الحكم الذاتي، يتضح أن المشروع الانفصالي يفقد دعائمه يوماً بعد يوم.
عزلة متزايدة للبوليساريو وداعميها
تراجع التأييد الدولي للكيان الانفصالي ظهر جلياً من خلال سحب عدد من الدول الإفريقية، أبرزها كينيا وغانا، اعترافها بالجمهورية المعلنة من طرف واحد، وتبنّيها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية. هذا التحول يعكس قناعة متزايدة لدى العواصم الإفريقية بواقعية المقترح المغربي ومصداقيته كحل نهائي للنزاع.
وبحسب محللين، فإن الانكفاء المتواصل لداعمي الانفصال يشير إلى انهيار تدريجي لبنية الجبهة السياسية والدبلوماسية. هناك مؤشرات متزايدة على قرب إخراج البوليساريو من عضوية الاتحاد الإفريقي، وتصنيفها كتنظيم انفصالي متطرف على الصعيد الدولي، وهو تطور ستكون له تبعات حاسمة على مستقبل النزاع.
استراتيجية مغربية ذكية ودبلوماسية فعالة
المكاسب التي تحققها الرباط ليست صدفة، بل نتيجة استراتيجية محكمة تعتمد على ربط التعاون الاقتصادي بالاحترام الكامل للوحدة الترابية. المغرب يدفع بقوة نحو نموذج “رابح-رابح” في علاقاته الخارجية، مستنداً إلى رؤية واضحة في التعاون جنوب-جنوب، وخطاب ملكي يربط بين الشراكات الاقتصادية والموقف من السيادة على الصحراء.
وفي السياق نفسه، تنجح الدبلوماسية المغربية في توسيع دائرة الدعم لتشمل الدول الناطقة بالإنجليزية، والتي كانت تاريخياً أقل تفاعلاً مع الموقف المغربي. ويعد تحوّل الموقف البريطاني الأخير نحو الاعتراف بسيادة المغرب مؤشراً قوياً على هذا التقدم، نظراً لما تحمله لندن من ثقل دبلوماسي وقدرتها على التأثير في التوجهات الغربية.
النظام الجزائري أمام واقع مرير
الانعطافات الأخيرة تضع النظام الجزائري في موقف حرج. فاحتضانه المطلق للبوليساريو بات عبئاً دبلوماسياً وسياسياً، في ظل الانتكاسات المتوالية. يُشبّه البعض الموقف الجزائري الحالي بـ”رقصة الديك المذبوح”، في إشارة إلى الارتباك ومحاولات إنقاذ مشروع فقد مبرراته. هذا الوضع يُفاقم من عزلة الجزائر في القارة الإفريقية ويضعف نفوذها الإقليمي.
وفي خضم هذا التحول، يبقى الخاسر الأكبر هو الشعب الجزائري، الذي يُثقل كاهله نظام يوجه مقدرات البلاد نحو دعم أجندات خارجية خاسرة، عوضاً عن الاستثمار في التنمية والاستقرار الداخلي.
نحو تسوية نهائية
التحول في مواقف دول إفريقية رئيسية كان يُنظر إليها سابقاً كدول حليفة للبوليساريو، مثل كينيا وغانا، يعكس نهاية مرحلة وبداية أخرى تُعيد رسم خريطة العلاقات الإفريقية على أسس جديدة. اعتراف هذه الدول بمبادرة الحكم الذاتي المغربية لا يعكس فقط موقفاً سياسياً، بل يمثل إعادة تموضع استراتيجي ضمن النظام الدولي الجديد الذي يولي أهمية متزايدة للاستقرار الإقليمي والتنمية المشتركة.
خلاصة القول، أن الدينامية الدولية المتسارعة، والتي تصب في صالح الطرح المغربي، تُمهّد الطريق لتسوية نهائية قائمة على الحكم الذاتي، تحت السيادة المغربية. ومع تآكل الشرعية السياسية والدبلوماسية لجبهة البوليساريو، يبدو أن نهاية هذا النزاع المفتعل أصبحت مسألة وقت، لا أكثر.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X