العودة من التقاعد… حين يتحوّل عون السلطة إلى “وظيفة بلا سند قانوني”

هبة بريس – مكتب فاس

تعيش بعض عمالات المملكة على وقع ممارسات غريبة باتت تثير استياءً واسعًا في الأوساط الإدارية والرأي العام، حيث يعمد عدد من رجال السلطة المتقاعدين إلى العودة مجددًا إلى المشهد، ولكن هذه المرة عبر بوابة “عون سلطة” في المجال القروي، رغم أنهم يواصلون مزاولة مهامهم فعليًا في مناطق حضرية، دون سند قانوني أو إداري واضح.

هذه العودة، التي تجري غالبًا في كواليس مغلقة، لا تمر عبر مباريات ولا تكوينات جديدة، بل تتخذ طابع “التعيين الصامت”، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قانونية هذه الوضعيات، ومدى احترامها لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، خصوصًا في ظل وجود آلاف الشباب المؤهلين الباحثين عن فرص عمل.

“وظيفة بلا نهاية”… واستغلال بدون مساءلة

وحسب معطيات حصلت عليها هبة بريس من مصادرها، فإن بعض هؤلاء الأعوان المتقاعدين يستغلون موقعهم الجديد غير الرسمي في كثير من الأحيان للقيام بعمليات نصب وابتزاز بحق عدد من المواطنين، مستغلين جهل الضحايا بالقوانين الإدارية. الأخطر من ذلك، أن بعضهم يقدّم نفسه بصفات رسمية وهمية كـ”القائد” أو “مندوب العامل”، متجاوزين بذلك حدود المهام المخولة لهم، ومرتكبين مخالفات من شأنها الإضرار بثقة المواطن في مؤسسات الدولة.

و لا يتوقف الأمر عند المهام، بل يتعداه إلى الامتيازات المادية. فعدد من هؤلاء الأعوان يستفيدون من السكن الوظيفي وسيارات الدولة التابعة للعمالة، إلى جانب تغطية مصاريف الوقود والصيانة، في وقت لا يحظى فيه حتى بعض خلفاء القياد بهذه الامتيازات، ما يطرح علامة استفهام كبرى حول معايير التوزيع، وأسس الاستحقاق داخل الإدارة الترابية.

فهل تستطيع عمالات المملكة وضع حد لهذه الازدواجية في الممارسة؟

ما يجري اليوم، بحسب متتبعين للشأن المحلي، يمثل انحرافًا عن مبادئ الحكامة الجيدة، وخرقًا صارخًا للعدالة الإدارية، حيث تُمنح “وظائف رمادية” بلا مساطر، ويُفتح الباب أمام نوع من التحايل الإداري المقنّع، الذي يجمع بين التقاعد والاستفادة من أجر ثانٍ وموقع سلطة، دون مساءلة أو مراقبة

اليوم، تجد وزارة الداخلية نفسها أمام سؤال مباشر: هل ستتدخل لتوضيح موقفها من هذه الممارسات؟ وهل ستعمل على سنّ ضوابط تمنع الجمع غير المشروع بين التقاعد ووظائف جديدة تحت مسميات فضفاضة؟



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى