انتقدوا نظام الجنرالات بالجزائر.. النظام العسكري يزج بـ18 شخصا في السجن

هبة بريس

في مشهد يُجسد الوجه القمعي للنظام الجزائري، أصدرت محكمة الجنايات الابتدائية بالدار البيضاء في العاصمة الجوائرية أحكامًا ثقيلة بالسجن ضد 18 شخصًا ينتمون إلى مجموعة “إطارات الجبهة الإسلامية للإنقاذ الأصيلة”، في خطوة سياسية مغلفة بالقانون، جاءت بعد تحقيقات استمرت قرابة عامين في محاولة لتصفية رموز التيار الإسلامي وإسكات الأصوات المعارضة.

تهم فضفاضة وكيدية

الأحكام تفاوتت، لكنها جميعها صبت في خانة الترهيب، حيث تم الحكم بالسجن أربع سنوات نافذة على ستة من أبرز المعتقلين، بينهم علي بن حجر، في حين نال 11 آخرون ثلاث سنوات من السجن، بينما أدين المعتقل الثامن عشر بسنتين، في محاكمة وُصفت بأنها افتقرت لأبسط شروط المحاكمة العادلة.

منظمة “شعاع” الحقوقية، التي واكبت المحاكمة، كشفت أن التهم الموجهة للمعتقلين جاءت فضفاضة وكيدية، من قبيل “المساس بوحدة الوطن” و”استغلال المأساة الوطنية”، في وقت أسقطت فيه المحكمة التهمة الأصلية المرتبطة بـ”تأسيس تنظيم محظور”، الواردة في المادة 87 مكرر سيئة السمعة، والتي استُخدمت لسنوات في خنق الحريات.

وتعود فصول القضية إلى أكتوبر 2023، حين أقدمت السلطات الأمنية الجزائرية على اعتقال عدد من رموز التيار الإسلامي، بعد أن ظهر القيادي السابق في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، علي بن حجر، في تسجيل مصوّر وهو يقرأ بيانًا باسم “إطارات الجبهة الأصيلة”، انتقد فيه الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة، ودعا إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم علي بن حاج، الذي لا يزال رهن الإقامة الجبرية، إضافة إلى مئات من معتقلي الحراك الشعبي الذين تنكر الدولة صفتهم السياسية.

حملة اعتقالات موسعة

النظام العسكري، الذي لا يتسامح مع أي تعبير سلمي، تعامل مع البيان كـ”محاولة لإحياء تنظيم محظور”، ما دفعه إلى شن حملة اعتقالات موسعة طالت 18 شخصًا.

النيابة العامة، وكعادتها، وجّهت تهمًا مشحونة سياسيًا، مثل “الإشادة بالإرهاب” و”محاولة تغيير النظام بطرق غير دستورية”، إلى جانب تهمة أخرى أقل وزنًا تتعلق بـ”نشر منشورات ضارة بالمصلحة الوطنية”، وهي تهم تُستخدم لتجريم أي خطاب معارض.

وفي نونبر 2024، دخل المعتقلون في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على اعتقالهم التعسفي وظروف احتجازهم المهينة، واستمر الإضراب نحو شهرين، قبل أن يضطروا إلى تعليقه بسبب التدهور الخطير لحالتهم الصحية، إذ أن معظمهم من كبار السن ويعانون أمراضًا مزمنة.

الجبهة الإسلامية للإنقاذ

الجبهة الإسلامية للإنقاذ، التي كانت أول حزب إسلامي يحقق فوزًا كاسحًا في الانتخابات البلدية والتشريعية مطلع التسعينات، لا تزال تشكل عقدة للنظام العسكري، الذي أجهض المسار الديمقراطي سنة 1992، وأغلق الباب أمام التعددية السياسية الحقيقية، ليستمر في هندسة مشهد سياسي على مقاسه.

ويرى مراقبون أن عودة شخصيات من التيار الإسلامي للظهور مجددًا، حتى ولو بصفة فكرية وسلمية، تُربك النظام العسكري الذي يخشى كل ما يخرج عن سيطرته، حتى وإن كان مجرد بيان يطالب بالحرية والعدالة وإطلاق سراح سجناء الرأي.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى