تحقيقات تكشف تورط 81 مؤسسة في اختلالات البرنامج الاستعجالي للتعليم

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في تطور جديد لفضيحة اختلالات البرنامج الاستعجالي الذي أطلقته وزارة التربية الوطنية في المغرب قبل سنوات، كشفت مصادر قضائية مطلعة عن استلام الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء نتائج التحقيقات التي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بخصوص الصفقات التي شابتها تلاعبات واسعة، خلال فترة تنفيذ البرنامج في عهد وزير التربية الوطنية والتعليم العالي الأسبق، أحمد اخشيشن، حيث تورطت 81 مؤسسة في هذه القضية.

– اختلالات في إعداد الصفقات وسندات الطلب

أظهرت التحقيقات التي أُجريت في إطار البرنامج الاستعجالي للتعليم، وجود اختلالات جسيمة في عملية إعداد وإبرام الصفقات العمومية وسندات الطلب المتعلقة بالمشاريع التعليمية، وحسب المعطيات المتوفرة، تبين أن غياب آليات دقيقة لتحديد الاحتياجات التعليمية الملحة، وخرق بعض الإجراءات القانونية الخاصة بتنظيم الصفقات، قد أفضى إلى تلاعبات واسعة في تحديد الشركات المتعاقدة.

كما تم الكشف عن قيام مسؤولين بإنشاء منافسات صورية لصالح شركات معينة، وذلك لتسهيل حصولهم على صفقات ضخمة في مجالات تجهيزات تعليمية وأدوات ديداكتيكية. وهو ما شكل خرقًا واضحًا لمبادئ المنافسة الحرة وتكافؤ الفرص.

توزيع الملفات على المحاكم المختصة

تم توزيع ملفات هذه الاختلالات على المحاكم المختصة بمحاكم جرائم الأموال في المدن الكبرى مثل فاس، مراكش، الرباط، والدار البيضاء، حيث باشرت الفرق الجهوية للشرطة القضائية في إجراء المزيد من الأبحاث والتحريات. وتشير المصادر إلى أن محكمتي فاس ومراكش قد أصدرتا أحكامًا في بعض الملفات المحالة إليهما، بينما لا يزال التحقيق جاريًا في باقي الملفات الأخرى التي تم إحالتها على محكمة الاستئناف بالرباط.

– فضيحة التسجيلات الصوتية

تفجرت القضية بشكل أكبر عندما تم تسريب تسجيلات صوتية لمديرة سابقة لإحدى الأكاديميات الجهوية، تكشف عن تفاصيل التلاعبات والاختلالات التي شابت صرف الأموال المخصصة للبرنامج الاستعجالي، وقد أدت هذه التسجيلات إلى إعادة فتح التحقيقات وتوزيع الملفات على مختلف المحاكم التي تتعامل مع قضايا الفساد المالي.

– تقرير المجلس الأعلى للحسابات: أرقام صادمة

من جانب آخر، أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريرًا تفصيليًا حول تنفيذ المخطط الاستعجالي لوزارة التربية الوطنية، الذي تم تخصيص ميزانية ضخمة له بلغت 43 مليار درهم.

وخلص التقرير إلى وجود العديد من الاختلالات في عملية تنفيذ البرنامج، أبرزها عدم تحقيق الأهداف المرسومة. وفقًا للتقرير، فإن نسبة الأداء الفعلي للصرف بلغت 58% فقط من الميزانية المخصصة، وهي نسبة أدنى بكثير من المعدلات المتوقعة.

كما أشار التقرير إلى أن العديد من المشاريع لم تُنفذ بالشكل المطلوب، مثل مشاريع القطب البيداغوجي التي لم تكتمل رغم تخصيص 12 مليار درهم لها. بعض المشاريع تم توقيفها بشكل مفاجئ لعدم وجود رؤية واضحة ومندمجة لتنفيذ الإصلاحات في المنظومة التعليمية.

– غياب الشفافية والتدبير السليم

يُرجع العديد من الخبراء في القطاع التعليمي ضعف نتائج البرنامج إلى غياب الشفافية وعدم وجود آليات تدبيرية فعالة داخل وزارة التربية الوطنية، حيث لم تُنفذ العديد من الإجراءات المرتبطة بالمناهج الدراسية، نظام الإعلام والتوجيه، ودعم التمكن من اللغات.

وتعتبر هذه الاختلالات من أبرز التحديات التي تواجه القطاع التعليمي في المغرب، وتستدعي تحقيقًا أوسع وأكثر شمولية لضمان محاسبة المسؤولين عن الفساد المالي والإداري في هذا الملف.

– تأثيرات ضخمة على قطاع التعليم

إن هذه الاختلالات والفساد الذي طال البرنامج الاستعجالي له تداعيات سلبية مباشرة على القطاع التعليمي في المغرب، فقد أدت إلى تبديد أموال ضخمة كان من الممكن استثمارها في تحسين جودة التعليم وتطوير البنية التحتية للمدارس، هذا الأمر أثار انتقادات واسعة من قبل المعنيين بالشأن التعليمي، الذين طالبوا بتعزيز إجراءات الرقابة وتدبير المشاريع بشكل يتماشى مع المصالح العامة.

– استمرارية التحقيقات

على الرغم من صدور بعض الأحكام في قضايا تتعلق بالبرنامج الاستعجالي، لا تزال التحقيقات مستمرة في العديد من الملفات الأخرى، مما يطرح العديد من التساؤلات حول حجم الفساد الذي شاب هذا المشروع الاستثماري الكبير، ومدى قدرة الأجهزة القضائية على مواجهة هذه المعضلة.

هذه القضايا تضع تساؤلات هامة حول مدى فاعلية الإجراءات المتخذة لضمان تطبيق الشفافية وحسن تدبير المال العام، في وقت تحتاج فيه منظومة التعليم إلى إصلاحات حقيقية تلامس احتياجات الطلاب والمدرسين على حد سواء.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى