
كارثة بيئية في وادي زم.. هل تنتظر الجهات المسؤولة الأسوء للتحرك؟
هبة بريس من واد زم
في مشهد يصعب تصديقه ويصعب أكثر تقبله، تعيش ساكنة حي البستان بمدينة وادي زم تحت رحمة مطرح نفايات عشوائي فاحت منه كل أنواع الروائح الكريهة، وتفجرت بسببه مشاكل بيئية وصحية لا تطاق، جعلت حياة المواطنين تتحول إلى كابوس يومي، دون أن تحرك الجهات المسؤولة ساكنا أو تقدم أدنى حل ملموس.
الساكنة، التي ضاقت ذرعا بالوضع، أطلقت صرخة استغاثة جديدة عبر بيان استنكاري شديد اللهجة، تحت إشراف جمعية البستان، نددت فيه بما وصفته بـ”الوضع الكارثي” الذي تعيشه المنطقة بسبب المطرح المتواجد على بعد أمتار معدودة من منازلهم.
هذا المطرح لا يهدد فقط جودة الهواء، بل يهدد حياة الأطفال والمسنين ومرضى الحساسية والربو بشكل مباشر، خاصة في فصل الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة وتزداد معها حدة الروائح والحرائق والانبعاثات السامة.
ولعل الأخطر في هذه المأساة البيئية هو استمرار الشركة المفوض لها تدبير قطاع النظافة في نهج سياسة الهروب إلى الأمام، متنصلة من مسؤوليتها الكاملة، رغم أنها تجني أرباحا ضخمة من المال العام مقابل خدمة يفترض أن تضمن الحد الأدنى من شروط السلامة البيئية والصحية.
فإذا كانت الشركة تتلقى ميزانية ضخمة، فهل يصعب عليها تأمين حراسة دائمة للمطرح أو تدبيره وفق المعايير البيئية المعمول بها؟ أم أن مبدأ الربح يغلب على الواجب المهني والأخلاقي؟، تقول ساكنة المنطقة في بيانها.
الساكنة لم تعد تطالب فقط بحلول ترقيعية أو بوعود مؤجلة، بل بدأت تتجه نحو التصعيد القانوني، حيث عبر عدد من المتضررين عن عزمهم اللجوء إلى القضاء، ورفع دعوى ضد الشركة المفوض لها تدبير النفايات، باعتبارها المسؤولة المباشرة عن الأضرار التي لحقتهم، سواء من الناحية الصحية أو النفسية أو البيئية.
فكيف يعقل أن تترك النيران تندلع وسط النفايات في وضح النهار دون حسيب ولا رقيب؟ ومن يتحمل المسؤولية عن الهواء الملوث الذي يتنفسه السكان يوميا؟
بيان جمعية البستان لم يكتف بالتنديد، بل دعا إلى تنظيم اجتماع عاجل لتنسيق الجهود وتوحيد صفوف المتضررين، في أفق خوض معركة نضالية بكل الأشكال القانونية والمشروعة من أجل استرجاع الحق في بيئة سليمة وعيش كريم.
كما طالب البيان بنقل المطرح فورا إلى منطقة بعيدة عن السكان، وتفعيل الرقابة الصارمة على الشركات المفوضة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، كما ينص على ذلك الدستور المغربي.
ومن المثير للاستغراب، أن الجهات المسؤولة في المدينة لم تتفاعل لحدود الساعة بأي قرار فعلي يخفف من حدة الأزمة، وهو ما يطرح علامات استفهام كبرى حول دور السلطات الترابية والمجلس الجماعي، وعما إذا كان ملف النفايات أولوية في أجندتهم، أم أن معاناة المواطنين تظل مجرد أرقام في تقارير رسمية لا تقرأ.
ما يحدث اليوم في حي البستان بوادي زم هو جريمة بيئية مكتملة الأركان، وجب فتح تحقيق عاجل بشأنها، ومحاسبة كل من تواطأ أو تغاضى أو تقاعس عن أداء مهامه، أما الصمت فهو تواطؤ، واللامبالاة هي مشاركة في الضرر، والسكوت عن الكارثة لن يوقف تصاعد روائح القمامة ولا لهب النيران التي تشتعل كلما ارتفعت درجات الحرارة.
وختاما، إذا كانت الدولة تتبنى خطاب الدولة الاجتماعية وحق المواطن في العيش الكريم، فإن أول ما يجب أن تضمنه هو بيئة نظيفة، وهواء نقي، وكرامة مصانة، أما أن يتحول الحي إلى مطرح نفايات مفتوح، فتلك هي الإهانة الكبرى التي لن تقبلها ساكنة وادي زم بعد اليوم كما يقول ممثلو الساكنة.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X