
ميدلت.. من منابع الحياة إلى مستنقع للفضلات… من ينقذ عيون تطاوين؟
هبة بريس- ميدلت
في مشهدٍ يجمع بين براءة الأطفال ومرارة الواقع، تحوّلت منابع عيون تطاوين، خلال الأيام الأخيرة، إلى مسابح يرتادها عشرات الأطفال، في مشاهد قد تبدو عفوية في ظاهرها، لكنها تخفي خلفها اختلالًا بيئيًا وأخلاقيًا خطيرًا، بات يُهدد أحد أهم مصادر الحياة في المنطقة.
المقلق في الأمر ليس فقط النزول الجماعي للأطفال إلى هذه المنابع الطبيعية، بل بالأخص ما آلت إليه حال المجاري المحاذية وامتدادات العيون، التي تُركت فريسة للعبث والتلوث، فغدت مستودعًا للنفايات ومستنقعًا للفضلات. ولم يعد الأمر مقتصرًا على الإهمال، بل تجاوزه إلى نوع من “الاستباحة”، حيث تصرف بعض الوافدين وكأنهم في فضاء خاص، غير آبهين بطبيعة المكان، ولا بحرمته البيئية ولا بوظيفته الحيوية كمصدر للشرب والحياة.
هذا الانحدار القيمي، الذي يعبّر عن استهتار فاضح من بعض المرتادين، يهدد ليس فقط نظافة المنابع، بل كذلك الأمن الصحي لسكان المنطقة وزوارها.
ورغم غياب أي جهة تتحمل مسؤولية فعلية في مراقبة السلوك العام وضبط الممارسات، يبرز نور صغير في هذا المشهد القاتم: أحد شبّان المنطقة، الذي بذل مجهودًا ذاتيًا للحفاظ على نظافة المكان، متحديًا في ذلك مواقف مستهترة وردود فعل غير أخلاقية من بعض من لا يعيرون أدنى اعتبار للصالح العام.
إن المبادرة الفردية لهذا الشاب تستحق الإشادة، لكنها أيضًا تفتح بابًا كبيرًا للتساؤل: لماذا لا يتم احتضان هذا النوع من المبادرات المحلية وتطويرها في إطار مؤسساتي أو جمعوي؟ ولماذا لا يتم تثمين روح المواطنة بدل تركها تنهار أمام موجات الاستهانة والمزايدات؟
عيون تطاوين ليست مجرد منبع ماء، بل شريان حياة بيئي وثقافي وسياحي. وإن استمرار الوضع على ما هو عليه، دون تدخل عاجل ومقاربة شاملة، سيجعل من هذا المورد الطبيعي اليتيم، صفحة من الماضي تُضاف إلى قائمة ما خسرناه من كنوز بيئتنا بسبب الإهمال وغياب الضمير الجمعي.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X