
ميناء أكادير يتحول إلى ورش كبير لإصلاح السفن خلال عطلة العيد
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في مشهد غير معتاد، خيم ضجيج الالات على ميناء الصيد بأكادير، أحد أبرز الموانئ المغربية المطلة على الساحل الأطلسي، وذلك بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى التي فرضت توقفاً مؤقتاً لمراكب الصيد، خاصة تلك العاملة في قطاع صيد السردين، غير أن ضجيج الالات لا يعني أن الحياة غابت عن الميناء، بل على العكس تماماً، فقد تحول المرفأ إلى ورش ضخم يعج بالحركة والنشاط.
– صيانة مكثفة تعيد الروح للميناء
في غياب صوت المحركات وزحمة الإبحار، ترتفع أصوات المطارق وأدوات الخياطة، معلنة عن انطلاق ورشات الصيانة السنوية، التي تستغل فترة التوقف الديني لإعادة تأهيل السفن والمعدات البحرية. البحارة، من مختلف الأعمار، يشمرون عن سواعدهم لإصلاح الشباك، ترميم الأعطاب، ومراجعة تجهيزات السلامة، في مشهد يختزل العلاقة الوثيقة بين الإنسان والبحر.
أحد البحارة المخضرمين قال لنا: “هاد الفترة مهمة بزاف، كنتهلاو فيها فالمعدات ديالنا، كنراجعو كلشي مزيان، حيت البحر ما فيهش تساهل، والسلامة ضرورية”. كلمات بسيطة لكنها تعكس عمق الوعي بأهمية الصيانة الوقائية في مهنة يلفّها الكثير من المخاطر.
– شباب يتعلمون من الكبار وسط تبادل الخبرات
وسط الأرصفة، تفترش الشباك على الأرض، وتُعاد هيكلة الطفوّات وربط الحبال بدقة متناهية، هنا يبرز جيل جديد من البحارة، مثل يوسف، الشاب الذي يعمل ضمن أسطول الصيد الساحلي، حيث قال: “فرصة كنستغلوها باش نرتاحو شوية ونشوفو العائلة، ولكن الخدمة مستمرة، خصوصاً في الورشات، حيت الشباك خاصها صيانة دقيقة قبل ما نرجعو نخدمو”.
هذا التوقف الموسمي، رغم طابعه الديني والروحي، يكتسب بُعداً مهنياً مهماً، إذ تتحول الموانئ المغربية، وعلى رأسها ميناء أكادير، إلى فضاء ديناميكي يشهد تبادل المهارات والخبرات بين الحرفيين، وهو ما يساهم في الحفاظ على جودة العمل ورفع مستوى الجاهزية التقنية.
– ورش ميكانيكي لا يعرف السكون
الميكانيكيون البحريون هم الآخرون يعيشون فترة من الذروة، حيث تنشط الورشات الداخلية التي تحتضن إصلاح المحركات، صيانة الماكينات، ومراجعة أنظمة التبريد والتشحيم. أحدهم قال: “كنخدمو على الماكينات، كنراجعو المحركات، كنصلحو الأعطاب، كلشي باش يكون واجد من بعد العيد. البحر صعيب وخاصو تجهيز تقني دقيق”.
– بين السكون والحيوية
ورغم توقف عمليات الإبحار، فإن الحيوية لا تغيب عن ميناء أكادير، بل تتخذ شكلاً آخر أكثر تقنية وتركيزاً. فالميناء في هذه الفترة يتحول إلى خلية نحل تعمل بصمت، استعداداً لموسم جديد يتطلب الكثير من الجهد والانضباط.
– محطة تأهيل واستعداد
يتفق الجميع في ميناء الصيد بأكادير من بحارة وميكانيكيين وحرفيين على أن فترة العيد والراحة البيولوجية ليست مجرد عطلة، بل هي مرحلة أساسية في الدورة السنوية للصيد البحري، محطة لإعادة ترتيب الأوراق، تقوية المعدات، وتحديث الاستعدادات لمواجهة البحر في ظروف آمنة، وضمان موسم صيد مربح ومستقر.
وبينما تتجه الأنظار اليوم ما بعد العيد، يبقى مشهد ورشات الصيانة بميناء أكادير دليلاً حياً على حيوية قطاع الصيد البحري المغربي، وعلى قدرة المهنيين على التأقلم والتطوير، بما يحفظ ديمومة هذا القطاع الحيوي الذي يشكل رافعة اقتصادية واجتماعية للمملكة.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X