هل تحرك رياح التغيير والانشقاق “سنبلة” الحركة الشعبية؟؟

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في مشهد سياسي يزداد اضطرابًا مع اقتراب المواعيد الانتخابية، تعيش الحركة الشعبية، أحد أعرق الأحزاب المغربية، على وقع زلازل داخلية ومالية تهدد بانشطار بنيتها التنظيمية وتفكك قواعدها التقليدية. وبين صراع الأجيال، وتنامي الاتهامات المتبادلة، وانشقاقات قيادية، يبدو أن “السنبلة” لم تعد تتمايل فقط في الحقول، بل تهتز أيضًا داخل أروقة الحزب، معلنة عن لحظة مفصلية في تاريخه السياسي.

– صراع أجيال أم معركة قيادة؟

تشير الأحداث الجارية إلى وجود شرخ واضح داخل البيت الحركي، تقوده تباينات رؤيوية بين جيلين، الأول يتزعمه الأمين العام محمد أوزين الذي يحاول الدفع نحو تجديد هياكل الحزب وتحديث خطابه، في حين يتمسك الجيل القديم برمزيته التاريخية، معتبرا أن ما يجري داخل الحزب هو انحراف عن المبادئ المؤسسة، وظهر هذا التوتر بشكل جلي في تصريحات القيادي محمد فاضيلي، الذي انتقد ما اعتبره “تهميشا لهياكل الحزب” وغيابا “للمعارضة البناءة”، بينما وصفه أوزين بـ”الابتزاز ومحاولة ليّ الذراع”.

– انشقاق سياسي: “اتحاد الحركات الشعبية” يرى النور

في تطور غير مسبوق، أعلن عز الدين بنجلون التويمي، القيادي السابق في الحزب، عن تأسيس كيان سياسي جديد تحت اسم “اتحاد الحركات الشعبية”، بعد إبعاده من المكتب السياسي.

فالحزب الجديد حصل على وصل إيداع رسمي، ما يمنحه شرعية قانونية للمشاركة في الاستحقاقات المقبلة.

هذه الخطوة تُعد صفعة موجعة للقيادة الحالية، التي سارعت إلى تقديم طعن قضائي ضد الاسم والرمزية المستخدمة، في محاولة لاحتواء ما وصفته بـ”القرصنة السياسية”.

– الفساد يطل برأسه

لم تعد الأزمة محصورة في صراع القيادات أو الهياكل، بل امتدت إلى ملفات فساد خطيرة، حيث وُجهت اتهامات لأحد منتخبي الحزب بمحاولة تهريب أموال وابتزاز مقاولات، وهو ما قابله هذا الأخير بشكاية مضادة يتهم فيها زميله بالتشهير والافتراء، هذا التراشق يضيف المزيد من الضبابية حول مدى تماسك الصف الداخلي للحزب ويطرح أسئلة حول أخلاقيات الممارسة السياسية داخله.

– تحالفات خارج الأسوار

محاولة للرد على التحديات المتفاقمة، دخلت الحركة الشعبية في تحالف سياسي جديد باسم “التكتل الشعبي”، يضم الحزب الديمقراطي الوطني والحزب المغربي الحر، هذا التكتل يسعى، حسب بياناته، إلى تقديم بديل سياسي جامع، بعيد عن منطق الحسابات الضيقة، ومبني على الانفتاح على الفعاليات المدنية والشخصيات الوطنية، في مسعى لترميم الصورة المهزوزة للحزب.

– أزمة مالية خانقة.. والدعم العمومي في مهب الريح

من أبرز مظاهر الوهن التي تعصف بالحركة الشعبية، أزمتها المالية المتفاقمة، فحسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، لم يقدم الحزب ما يثبت إرجاع مبلغ 5.4 مليون درهم للدولة، كانت مخصصة للحملات الانتخابية لعام 2021، وهو ما يفتح الباب لتساؤلات مشروعة حول شفافية التدبير المالي،وفي خضم ذلك، تعيش مكاتب الحزب وضعا صعبا، مع تأخر دفع أجور الموظفين، والاعتماد شبه الكلي على تبرعات النواب والمستشارين.

الأزمة امتدت لتشمل الدعم العمومي السنوي، حيث حرم الحزب منه بسبب غياب التمثيلية النسائية في أجهزته التقريرية، في مخالفة صريحة لمقتضيات القانون التنظيمي للأحزاب.

هذه المعطيات تكشف عن اختلال بنيوي في إدارة الموارد البشرية والمالية، يهدد القدرة التنافسية للحزب على المدى القريب.

– أي مستقبل لـ”السنبلة”؟

من الواضح أن حزب الحركة الشعبية يقف عند مفترق طرق حاسم، فهناك جبهة داخلية تعمل على الانقسامات الداخلية، مما أربك البوصلة التنظيمية، إلى جانب تآكل القاعدة المالية والسياسية، كلها مؤشرات على أزمة وجودية قد تعصف بالحزب إن لم يتم تداركها بسرعة، ورغم محاولات الترميم عبر التحالفات والانفتاح، فإن “السنبلة” تبدو اليوم في مهب رياح التغيير، إن لم نقل العصف.

هل ستكون هذه الأزمة بداية نهاية، أم ولادة جديدة؟ وحده الزمن كفيل بالإجابة، لكن المؤكد أن ما بعد 2026 لن يشبه ما قبله في تاريخ هذا الحزب العريق.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى