
الكرموس الهندي.. من فاكهة الفقراء إلى نجم موائد الأغنياء
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
تربعت فاكهة الكرموس الهندي، أو ما يعرف بالتين الشوكي، على عرش أسعار الفواكه في المغرب بشكل غير مسبوق، ليصل سعرها في بعض الأسواق الى 8 دراهم للحبة الواحدة، هذا الارتفاع المفاجئ أثار استغراب الكثيرين، لا سيما أن هذه الفاكهة كانت في السنوات القليلة الماضية تُعتبر من فواكه الفقراء التي تتواجد بكثرة في البوادي المغربية، وتعتبر مصدر رزق للعديد من الأسر.
ولكن مع مرور الوقت، لم يعد الكرموس الهندي في متناول الجميع، رغم وفرة إنتاجه في بعض السنوات، فالأسباب التي تقف وراء هذا الارتفاع في الأسعار تتنوع، لكن السبب الرئيسي يعود إلى تفشي مرض “الدودة القرمزية” الذي أصاب أشجار الكرموس بشكل كبير، مما أدى إلى تراجع الإنتاج بشكل حاد.
– الدودة القرمزية: الآفة التي دمرت الانتاج
كان الكرموس الهندي من بين الفواكه التي تزين الأسواق المغربية بتنوع ألوانها وطعمها اللذيذ، وكانت تنتشر في البوادي وتساهم في دعم الاقتصاد المحلي، لكن مع ظهور “الدودة القرمزية” في السنوات الماضية، تضرر إنتاج هذه الفاكهة بشكل خطير، وتسبب هذا المرض في قتل معظم أشجار الكرموس الهندي، مما أدى إلى نقص حاد في الكمية المعروضة في الأسواق.
وقد ساهم هذا في تضاعف الأسعار بشكل غير مسبوق، فبعدما كان الكرموس الهندي متاحًا بكثرة وبأسعار رمزية، أصبح اليوم عملة نادرة تُباع بأسعار مرتفعة، حيث وصل سعر الحبة إلى 8 دراهم في بعض الأسواق، بينما تتجاوز بعض الأماكن هذا السعر لتصل إلى 15 درهمًا.
– الفلاحون يتكيفون مع الواقع الجديد
في محاولة للتكيف مع هذا الارتفاعالكبير في الأسعار، بدأ العديد من الفلاحين المغاربة بتغيير طرق الزراعة والتوجه نحو استخدام البيوت المغطاة لزراعة الكرموس الهندي، بل إن بعض الفلاحين قرروا استبدال بعض المحاصيل الأخرى مثل الموز بزراعة الكرموس الهندي، في خطوة تهدف إلى زيادة الإنتاج وتعويض النقص الذي كان قد أصاب القطاع بسبب الآفة.
البيوت المغطاة أو “الأنفاق البلاستيكية” توفر حماية أكبر للنباتات من العوامل البيئية والآفات الزراعية، مما يساعد الفلاحين على تحسين إنتاجهم من الكرموس الهندي، رغم الارتفاع الكبير في تكلفة الزراعة والإنتاج. هذه الطريقة لم تكن رائجة من قبل، لكنها أصبحت الخيار الأمثل للفلاحين في الوقت الحالي.
– المفارقة: ارتفاع الأسعار رغم وفرة الإنتاج
الغريب في الأمر هو أن أسعار الكرموس الهندي تواصل الارتفاع رغم أن هناك وفرة نسبية في إنتاجه اليوم. بعض الفلاحين يقولون إن الإنتاج قد تعافى جزئيًا بعد تزايد استخدام البيوت المغطاة وتطبيق تقنيات جديدة لمكافحة الآفات، ولكن الأسعار لم تنخفض على الرغم من توافر الكميات.
وقد يرى البعض أن العرض والطلب هما العاملان الرئيسيان في تحديد السعر، حيث أن ندرة الفاكهة في السوق في الماضي جعلت من الكرموس الهندي سلعة نادرة، وبالتالي أصبح الطلب عليه كبيرًا للغاية. بالإضافة إلى ذلك، يعد الإنتاج المرتفع في البيوت المغطاة غير كافٍ لتلبية حاجيات السوق المحلية، ما يجعل الفاكهة تظل مرتفعة الثمن.
تظل ظاهرة ارتفاع أسعار الكرموس الهندي في الأسواق المغربية محط تساؤل. وبينما يواصل الفلاحون محاولاتهم لتطوير طرق الزراعة وتحقيق إنتاج أكبر من هذه الفاكهة، يبقى الواقع أن المرض الذي أصابها في الماضي والعوامل الطبيعية المستمرة قد تساهم في استمرار هذا الارتفاع.
وفي الوقت نفسه، يبدو أن مغاربة الأمس الذين كانوا يرون في الكرموس الهندي فاكهة بسيطة ومتاحة للجميع، سيجدون اليوم أن هذه الفاكهة التي كانت تُعتبر في يوم من الأيام “فاكهة الفقراء” أصبحت تزين موائد الأغنياء بفضل ارتفاع سعرها بشكل لافت.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X